نتائج إنتخابات مجلس الأمه الكويتي

مسيرة الديمقراطية

مسيرة الديمقراطية والدستور في دولة الكويت

 

 

مسيرة الديمقراطية والدستور  في دولة الكويت

لم تكن روح الديمقراطية في الكويت حديثة النشأة، أو وليدة العقود القليلة الماضية، بل كانت متأصلة فيها منذ نشأة هذه الإمارة الصغيرة؛ فقد بدأت منذ عام 1752 م، عندما وافق المجتمع في تلك الفترة على تنصيب آل الصباح حكاما على الكويت عن طريق ما عرف بالإجماع والشورى. وحكم العائلة الحاكمة أتى عن طريق ديمقراطي أشبه بما يعرف بالانتخابات، حيث وافقت الأغلبية من سكان الكويت على من سيحكم هذا المجتمع الصغير البسيط.
وهكذا حصل الكويتيون على ما أرادوا دون أن يفرض عليهم حكم، وكان هذا البناء الأول لتأهيل الديمقراطية في المجتمع الكويتي الصغير. ولربما كان من أهم ما يميز روح الممارسة الديمقراطية الكويتية هو استمرار روح العطاء، حتى في أشد حالات التوتر والأزمات التي مرت بها الكويت كدولة ونظام.

توضح وثائق التاريخ وشهادات شهود العيان المتواترة من أهل الكويت أن من تولوا سيادة الحكم فيها على مر الزمان تعاقبوا على الالتزام بأسلوب الحوار والتفاهم والشورى كمنهج لاستقرار الحكم وصلاحيته. وتجسد هذا التلاحم بصورة خاصة إبان الاحتلال العراقي للكويت عندما عبر الكويتيون جميعا في مؤتمر جدة في أكتوبر 1990 عن وقوفهم خلف قيادتهم الشرعية. لقد كان ذلك أشبه بالتصويت الجماعي من الكويتيين لاستمرار حكم أسرة آل الصباح وهذا تأكيد واضح للشرعية.
وللكويت تاريخ عريق وقديم في المشاركة السياسية، فالكويت كانت أول شعب خليجي انتخب مجلسا تشريعيا عام 1938م وكتب دستورا واختار أعضاءه لتمثيل الشعب. والتجربة الديمقراطية التي تعيشها الكويت ليست إلا حلقة من سلسلة متصلة الحلقات من تاريخها السياسي الذي يمتد إلى ما يقارب قرنين من الزمن.
مجلس الشورى
يعد قيام مجلس الشورى عام 1921م في الكويت أول حدث سياسي منظم يسهم في تحديد السلطات في الدولة وطريقة إدارتها وأول مشاركة مباشرة من الشعب في إدارة شؤون البلاد.
وحينها نادى وجهاء الكويت بضرورة المشاركة في إدارة شؤون البلاد في عهد الشيخ أحمد الجابر، فتمت تزكية الشيخ يوسف بن عيسى القناعي ومجموعة معه لمقابلته، ورفعوا لـه عريضة تطالب بإقامة مجلس للشورى يعين ويساعد الحاكم على تسيير أمور البلاد ويتولى الأمير رئاسته.
ووافق الشيخ أحمد الجابر على تشكيل مجلس شورى معين يتكون من «12» عضوا، وتم اختيار أعضاء المجلس في أغسطس 1921م، واختيار حمد الصقر رئيسا له. و استمر المجلس في انعقاده قرابة شهرين، إلا أن ذلك لم يدم طويلا، حيث دبت الخلافات بين أعضائه، وتفاقمت على أثرها الخلافات الشخصية بينهم، فحل المجلس نفسه تلقائيا.
وتعد هذه التجربة الأولى التي يشكل فيها الكويتيون مجلسا رسميا يعاون الحاكم في إدارة شؤون البلاد.
http://kuwaitmag.com/pix/328/18-21.jpgوتأتي عقب مجلس الشورى هذه تجربة رائدة أخرى تبرز دور الديمقراطية في الحكم، حيث قامت أول تجربة انتخابية في هذا المجتمع الصغير عن طريق إنشاء المجلس البلدي عام 1930م. وكان الشيخ يوسف بن عيسى القناعي من المتحمسين لفكرة إنشاء بلدية في الكويت، وتبنى هذه الفكرة بعد زيارة قام بها للبحرين وطرحها على تجار الكويت فلاقت قبولا منهم، ثم ناقشوها مع الشيخ أحمد الجابر - حاكم البلاد آنذاك - الذي وافق على الفكرة.
وكانت نشأة بلدية الكويت عام 1930م الفرصة الأولى للكويتيين في تاريخهم لممارسة تجربة الانتخابات، حيث اختار الكويتيون مجلسا للبلدية عن طريق الانتخابات.
ومثلت هذه التجربة منعطفا كبيرا في سبيل تطور المجتمع الكويتي، في الوقت الذي كان الكويتيون يسعون جاهدين لوضع أسس ومعايير لتنمية وخدمة مجتمعهم، حتى يسايروا التطورات التي يشهدها العالم والدول المحيطة بهم. وفي عام 1931م صدر قانون البلدية، ونصت المادة الأولى منه على أن يتألف المجلس البلدي من 12 عضوا بالإضافة إلى الرئيس.
مجلس المعارف
اعتقد الكويتيون أن سبب عدم مواكبتهم التطور الذي تشهده البلدان الأخرى هو عدم وجود مؤسسة معارف تشرف على التعليم، فبدأت المطالبات بوجوب قيام مؤسسة معارف مستقلة. وبعد عامين من شيوع هذه الفكرة وافق حاكم الكويت حينذاك الشيخ أحمد الجابر على إنشاء مجلس للمعارف مهمته الإشراف على تأسيس المدارس والإنفاق عليها وتوجيهها، وفي عام 1936م تمت دعوة 50 ناخبا من وجهاء الكويت لانتخاب «12» عضوا لمجلس المعارف، يقوم فيها الناخب باختيار «12» مرشحا. وقد اختير الشيخ عبدالله الجابر الصباح رئيس شرف للمجلس، وقام المجلس فور ابتداء نشاطه بجلب مدرسين عرب للتدريس في مدارس الكويت الابتدائية.
المجلس التشريعي الأول
ووفقا لدراسة أصدرها مجلس الأمة، فقد رأى الكويتيون عام 1938م- تحت تأثير ظروف داخلية وخارجية- ضرورة إدخال تعديل جوهري على نظام الحكم، ليصبح حكما نيابيا ديمقراطيا. وتعد هذه المرحلة من أهم المراحل في تطور النظام الدستوري في الكويت وتاريخه السياسي. وتجددت في ذات العام رغبة الشعب الكويتي للمشاركة بالحكم بشكل أكبر من أجل عمل إصلاحات في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو ما أدى إلى قيام المجلس التشريعي الأول «2/7/1938م إلى 21/12/1938 م »، الذي جرى انتخاب أعضائه الـ14 من بين 20 مرشحا تقريبا، وتم اختيار الشيخ عبدالله السالم الصباح رئيسا للمجلس.
وبعد أن باشر المجلس مهماته قام بصياغة مشروع دستور في الأسبوع الأول من يوليو 1938م يحدد فيه اختصاصات المجلس التشريعي، وحاز المشروع إجماع أعضائه وتم رفعه للأمير للمصادقة عليه بتاريخ 9 يوليو 8391.
وبذلك يكون المجلس قد وضع أول دستور ينظم الحكم في البلاد. وبموجب هذا الدستور يعد المجلس السلطة التشريعية ويمارس إلى جانبها السلطة التنفيذية وبصفة مؤقتة السلطة القضائية، بالرغم من إشارة الدستور ضمنيا إلى مبدأ استقلالها.
ولم يستمر المجلس التشريعي الأول فترة طويلة فقد أحاطت به عدة ظروف عجلت من نهايته، وأمر الشيخ أحمد الجابر في 21 ديسمبر 1938م بحل المجلس.
المجلس التشريعي الثاني
بعد أربعة أيام تقريبا من حل المجلس تم توزيع أكثر من مئة دعوة لبعض المواطنين تدعوهم إلى الاجتماع في صباح اليوم التالي من أجل التداول في أمر الانتخابات للمجلس التشريعي الجديد، وأسفر اللقاء عن الدعوة إلى عقد اجتماع موسع يحضره عدد أكبر من أهل الرأي، ومن بينهم أعضاء المجلس التشريعي السابق. وتم في الاجتماع الموسع التداول في شأن الانتخابات القادمة والاتفاق على توحيد الكلمة وتصفية النفوس وتبني وثيقة الدستور التي أقرها الحاكم في عهد المجلس التشريعي الأول، فضلا عن الاتفاق على توسيع قاعدة ممثلي الشعب بحيث يصبحون 20 عضوا.
وأجمع الأعضاء على اختيار الشيخ عبد الله السالم رئيسا للمجلس، الذي أثنى على هذه الثقة الكبيرة، ودعاهم إلى العمل لوضع دستور للمصادقة عليه من قبل الحاكم، وذلك قبل أن يتمكن المجلس من استئناف نشاطه.
وفي يوم 2 يناير 1939م اجتمع أعضاء المجلس لاستعراض مسودة الدستور وذلك من أجل إقرارها بعد أن أدخل عليها إضافة تتيح للحاكم حق حل المجلس التشريعي متى نشبت بأسبابه فتنة عامة في البلد واستعصى حلها بالطرق السلمية، على أن تشمل الإرادة القاضية بالحل أمرا بإجراء انتخابات للمجلس خلال أسبوع من تاريخه. وبعد مصادقة المجلس على ذلك تم إرسال مسودة الدستور إلى الأمير ليصادق عليها لكنه رفضها وقدم بدلا منها دستورا آخر رأى أنه الأنسب للكويتيين. وبعد خلاف في وجهات النظر أصدر الأمير في 7 مارس 1939 م أمرا بحل المجلس التشريعي الثاني الذي لم يبدأ بعد.
بعد الاستقلال
وتوقف العمل البرلماني حتى استقلال الكويت في يونيو 1961، حين أعلن حاكم الكويت حينذاك الشيخ عبدالله السالم الصباح بعد أشهر من الاستقلال أنه سيتبنى النظام البرلماني، ودعا إلى انتخابات عامة لانتخاب 20 عضوا للمجلس التأسيسي تكون مهمته وضع الدستور.
في أعقاب الاستقلال صدر القانون رقم «1» لسنة 1962م، متضمنا النظام الأساس للحكم في فترة الانتقال، وكان بمثابة دستور مؤقت يطبق خلال الفترة التي سبقت إصدار الدستور الدائم، وأناط القانون بالمجلس التأسيسي مهمة وضع مشروع دستور للبلاد، لكن المجلس لم يكن ينفرد بهذه الوظيفة التأسيسية، إنما يشاركه فيها الأمير،إذ لا يعد مشروع الدستور الذي يضعه المجلس نافذا إلا بعد تصديق الأمير عليه وإصداره.
http://kuwaitmag.com/pix/328/18-21a.jpgوهكذا تأسس المجلس التأسيسي وتم انتخاب عبد اللطيف محمد ثنيان الغانم رئيسا له. وفي جلسة «3 مارس 1962»، انتخب المجلس التأسيسي لجنة الدستور التي ترأسها عبد اللطيف ثنيان الغانم. وفي 27 أكتوبر 1962 أنهت أعمالها وأحالت مشروع الدستور بكامله إلى المجلس التأسيسي لمناقشته وإقراره.وأقر المجلس مشروع الدستور بالإجماع في 3 نوفمبر 1962، وتم تقديم الدستور إلى الشيخ عبدالله السالم الصباح في 8 نوفمبر الذي صادق عليه في 11 نوفمبر، وتم نشره في جريدة الدولة الرسمية في 12 نوفمبر.
ويعد دستور دولة الكويت الصادر في عام 1962 م دستورا مكتوبا وجامدا، لأنه اشترط لإمكانية تعديله وتنقيحه شروطا وإجراءات خاصة أكثر شدة وتعقيدا من تلك المقررة في شأن القوانين العادية، ومن حيث أسلوب نشأته أو طريقة وضعه، فهو دستور تعاقدي بين الحاكم والشعب.
وعمل الدستور على تحقيق التوازن بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي بالأسلوب المزدوج، فمن مظاهر النظام البرلماني أن رئيس الدولة «سمو أمير البلاد» غير مسؤول وذاته مصونة ولا تمس؛ لأنه يتولى سلطاته من خلال وزرائه، إضافة إلى الأخذ بنظام الفصل المرن بين السلطات والتي تقيم تعاونا فيما بينها.
ويتكون دستور دولة الكويت من «183» مادة ومذكرة تفسيرية، وقد قسمت تلك المواد على خمسة أبواب أساسية.
بعد العدوان
واستمر العمل البرلماني وفق الدستور عن طريق مجالس نيابية منتخبة بعد الاستقلال حتى العدوان العراقي في أغسطس 1990.
وأثبت الكويتيون للعالم إثر تعرض الكويت للعدوان العراقي أن العلاقة بين الكويتيين وحكامهم علاقة خاصة ومتينة وعميقة الجذور، وكانت وقفة الكويتيين أمام ذلك العدوان وقفة رجل واحد، وكان ذلك الاحتلال اختبارا مصيريا لنظام الشورى والديمقراطية في الكويت.
وبناء على ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر جدة الشعبي بالمملكة العربية السعودية في أكتوبر 1990م - الذي التقى فيه الحاكم «سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح» مع شعبه أثناء محنة الاحتلال - فقد تعهد الطرفان على التكاتف والتآزر والتعاون لبناء كويت ما بعد الغزو لتكون أكثر قوة وأكثر عطاء مما سبق، وقامت السلطة السياسية بعد تحرير الكويت في 26 فبراير 1991م بتحديد تاريخ 5 أكتوبر 1992م موعدا لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، وبدأ المجلس عمله في 20 أكتوبر 1992 واستمر حتى 5 أكتوبر 6991.
وتتالت المجالس النيابية المنتخبة في الكويت تباعا حتى الآن، حيث تقام الانتخابات كل أربع سنوات ينتخب فيها الناخبون 50 عضوا لمجلس الأمة، وينتخب الأعضاء منهم رئيسا للمجلس.
لاشك في أن الديمقراطية ممارسة، وليست شعارات، والخيار الديمقراطي أصبح موضوعا محسوما، وكل المؤشرات تؤكد أن السلطة والشعب في الكويت تتقاسمان الحرص على استمرار النهج الديمقراطي، فتجربة الكويت أثبتت أن الديمقراطية خيار نهائي وأسلوب حياة وحكم تسعى كثير من الشعوب لنيله، فحصلت بعض البلدان على الديمقراطية من خلال العنف والثورة والحروب الأهلية الطاحنة، وحصل عليها البعض الآخر من خلال التفاهم والتطور الطبيعي لنشأة المجتمع والفهم الصائب لمعطيات العصر، كما هو الحال في الكويت وغيرها من الدول.
لقد نجح مجلس الأمة في أن يكون الأداة الديمقراطية التي أتاحت للجميع الفرصة للتعبير والمشاركة في صنع القرارات، ونجح كمؤسسة تشريعية حقيقية أفرزت للمجتمع الكويتي المؤسسات والآليات السياسية التي أسهمت في رحلة التطور التي شهدتها الكويت.
ويجب فهم التجربة الديمقراطية الكويتية على أنها ديمقراطية نابعة من عقيدة الشعب الكويتي المسلم وتاريخه وبيئته الخاصة، وقد تآزرت هذه العوامل على قيام صيغة من الممارسة الديمقراطية نابعة من تجربة هذا الوطن التي تتنوع فيها الآراء والتوجهات، وتمارس حريات التعبير في ظل مناخ من الحرية والود والتسامح والشورى وسيادة القانون
.

المجلس التأسيسي الكويتي   |   مسيرة الديمقراطية   |   دولة الكويت


    © 2014 https://www.kwvotes.com/
    All rights reserved.
    Site design by